اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ))، فَأَتَيْتُ أُنَيْسًا، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ قَالَ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ فَأَتَيْنَا أُمَّنَا، فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، فَاحْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارًا، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ أَيْمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ الْغِفَارِيُّ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ، وَقَالَ نِصْفُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَسْلَمْنَا، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمُ الْبَاقِي، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِخْوَتُنَا نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ)).
في هذا الحديث: أن قوم غفار- وهم قبيلة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه- كانوا يحلُّون القتال في الشهر الحرام، والله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ}، وكانت العرب تحترم الأشهر الحرم الأربعة، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ثلاثة متوالية، والرابع: رجب الفرد الذي بين جمادى وشعبان، كانت العرب تتوقف عن القتال فيها.
وكانت الأشهر الثلاثة ذو القعدة وذو الحجة ومحرم تطول عليهم أحيانًا، فإذا طالت عليهم الأشهر بدون قتال أخَّروا شهر المحرم إلى صفر، وهذا يسمى النسيء، يحلون شهر محرم يقاتلون فيه، ثم يحرمون شهر صفر مكانه، فأنكر الله عليهم ذلك وعاب عليهم، وبين أن هذا زيادة في الكفر، قال الله تعالى:{إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عامًا} على حسب أهوائهم وشهواتهم.
وقوله:((فَنَثَا))، أي: أشاعه وأفشاه، ونشره، وأخبرهم بالذي قيل، قال: