وهذا فيه دليل على أن قلوبهم لينة، والله تعالى أراد بهم خيرًا، وكان يؤمهم للصلاة رئيسهم وشريفهم أيماء بن رحضة الغفاري (١).
وقوله:((وَقَالَ نِصْفُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَسْلَمْنَا، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمُ الْبَاقِي))، يعني: أن النصف الأول أسلم في الحال، والنصف الثاني أرجأ إسلامه إلى حين قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ، وقالوا: إذا جاء النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا.
وقوله:((وَجَاءَتْ أَسْلَمُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِخْوَتُنَا نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمُوا))، يعني: أن قبيلة أسلم جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا رسول الله، إخوتنا من غفار أسلموا، ونحن نسلم على ما أسلموا عليه، فأسلموا في الحال، وهذا خير عظيم ساقه الله تعالى إلى هاتين القبيلتين بأن شرح صدورهما للإسلام؛ فدعا لهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوله:((غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ)).
قوله:((فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ، قَالَ: نَعَمْ، وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنِفُوا لَهُ وَتَجَهَّمُوا))، يعني: أن أنيسًا رضي الله عنه قال لأخيه أبي ذر رضي الله عنه: كن على حذر من قريش، فـ ((قَدْ شَنِفُوا لَهُ))، يعني: أبغضوا الرسولَ صلى الله عليه وسلم، ((وَتَجَهَّمُوا))، يعني: يقابلونه بوجوه غليظة، فخذ حذرك منهم.
(١) هو خفاف بن إيماء بن رحضة بن خربة بن خلاف بن حارثة بن غفار الغفاري، كان أبوه سيد غفار، وكان هو إمام بني غفار وخطيبهم، شهد الحديبية وبايع بيعة الرضوان، يعد في المدنيين، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة. أسد الغابة، لابن الأثير (١/ ٦١٥)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر (٢/ ٤٤٩).