بلدة في المدينة، وبلدة في الأحساء، لكن المراد بها هنا: بلدة الأحساء، فقوله:((إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى)) هما فتحتان للباب بينهما كما بين مكة والشام، أو كما بين مكة والأحساء.
وقوله:((اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ وَرُوحِهِ))، يعني: هو مخلوق بكلمة الله وروحه، وهي منسوبة لله تعالى من باب التشريف، مثل ناقة الله، وبيت الله.
وقوله:((فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ)): فيه بيان عمله عليه السلام الذي عمله، وليس يحتج بالقدر، إنما يحتج بعمله والخطيئة التي باشرها وكسبها.
هذا الحديث فيه: دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو سيد الناس وأفضل الناس عليه الصلاة والسلام، وإنما قال هذا عليه الصلاة والسلام لا فخرًا، ولكن ليبين للأمة مكانته ومنزلته؛ لأنه لا يأتي بعده نبي، يبين ذلك، فهذا من تبليغ الشريعة.
وفيه: أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((أَلَا تَقُولُونَ كَيْفَهْ؟ قَالُوا: كَيْفَهْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ))، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، ثم بين لهم عليه الصلاة والسلام أنه هو الشافع في المحشر، وهذا قدره أنه سيد الناس وأعظم الناس عليه الصلاة والسلام.
وفيه: أنه لم يذكر الشفاعة العظمى، وهي أن الناس جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف، فالإمام مسلم رحمه الله اختصره، فلم يذكر الشفاعة العظمى؛ لأنها معروفة؛ لأن المراد ذكر الشفاعة للعصاة، أما الشفاعة العظمى فلا ينكرها أحد.
وفيه: أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يعتذرون ويتدافعون الشفاعة حتى تصل إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفيه: بيان فضله عليه الصلاة والسلام، وهذا من الحِكم في أنهم لا يأتون إليه أولًا، حتى يظهر فضل نبينا صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إتيانهم النبي صلى الله عليه وسلم آخرًا، مع ورود الأحاديث التي معنا، والتي