فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)).
قوله:((سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ)): قال ذلك لَمَّا قيل له: إنهم قالوا: إنك رجل من أهل الجنة، وهذا من باب التواضع وهضم النفس والإزراء بها.
وفي هذا الحديث: منقبة لعبد الله بن سلام رضي الله عنه.
وفيه: مشروعية قص الرؤيا على معبر، ومشروعية التعبير لمن كان عنده علم بتعبير الرؤيا؛ فإن عبد الله بن سلام رضي الله عنه رأى هذه الرؤيا، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فعبَّرها له.
وفيه: أن الرؤيا من البشارات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ)) (١)، فهي داخلة في قوله تعالى:{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وفي الآخرة}، وفيها بشارة؛ فهو رأى أنه في روضه معتمة وفي وسطها عمود وفي أعلاه عروة، وقيل له: اصعد، قال: لا أستطيع، فجاء مِنصف- وهو الخادم- من أسفله ورفعه حتى استمسك بالعروة الوثقي، فالنبي صلى الله عليه وسلم عبرها، وقال:((تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ)): وهذه منقبة لعبد الله بن سلام، وشهادة له بالجنة.