للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ، قَالَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؟ فَقَالَتْ: فَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى؟ ! إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)): ظاهر هذا الحديث: أن الذي تولى كبر الإفك هو حسان رضي الله عنه، قال تعالى: {إن الَّذِينَ جَاؤوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

والصواب: أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أُبِّي بن سلول رئيس المنافقين، كما هو في البخاري عن عائشة رضي الله عنها (١)، وليس حسان بن ثابت رضي الله عنه، الذي أقيم عليه الحد؛ لأنه ثبت عنه الخوض في ذلك، وأما ابن سلول فإنهم لم يثبت عنه شيء في ذلك؛ ولهذا لم يجلد.

وكان مسطح بن أثاثة منهم، وكان ابن خالة أبي بكر رضي الله عنه، وكان فقيرًا، فلما وقع في الإفك أقسم أبو بكر رضي الله عنه أن يقطع عنه النفقة بسبب ذلك، فأنزل الله هذه الآية: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} لا يأتل، أي: لا يحلف أولو الفضل منكم والسعة ألا ينفقوا على أولي القربى والمساكين والمهاجرين، ومسطح كان قريبًا لأبي بكر رضي الله عنهما، ومسكينًا، ومهاجرًا، ثم قال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فلما نزلت هذه الآية قال أبو بكر رضي الله عنه: ((بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي)) (٢)، فأرجع النفقة إلى ابن خالته مسطح رضي الله عنه.


(١) أخرجه البخاري (٤٧٤٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٦١)، ومسلم (٢٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>