وقوله:((قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ))، يعني: وصف نفسه بأنه أسد، وهذا هو الواقع، فقد أُرسل إلى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، فهجا المشركين لكنه لم يشفِ، وكذلك كعب بن مالك رضي الله عنه، ثم أُرسل إلى حسان رضي الله عنه فشفى واشتفى، أي: شفى المؤمنين، واشتفى هو بما ناله من أعراض الكفار ومزقها، ونافح عن الإسلام والمسلمين.
وحسان رضي الله عنه ممن أحياه الله لنصرة الإسلام، ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه وعن عرضه، فجبريل عليه السلام يسدده ويؤيده ويثبته، والملائكة تؤيد المؤمنين وتثبتهم وتربط على قلوبهم، وأما الكفار فإنها تزعزعهم وتقذف في قلوبهم الرعب، كما حصل في غزوة بدر وغيرها، وهذا هو النصر بالرعب الذي خُصَّ به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال:((نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ)) (١)، فلو كان عند المشركين أقوى الأسلحة والعتاد، وقذف الله في قلوبهم الرعب لم تكن تلك الأسلحة لتنفعهم.
وقوله:((هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ)): يقول: هجوت يا أبا سفيان محمدًا صلى الله عليه وسلم فدافعتُ عنه، وجزائي على ذلك عند الله تعالى وحده.
وقوله:((هَجَوْتَ مُبَارَكًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ)): بَرًّا: يفعل البِّر والخير بأنواعه، حنيفًا: مائلًا عن الشرك وعن الفواحش إلى الحق والتوحيد، شيمته الوفاء: خُلُقُه عليه الصلاة والسلام الوفاءُ.