للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متمطرات، يعني: مسرعات يسبق بعضها بعضًا، تُلطمهن بالخمر النساء، يعني: تمسح النساءُ الغبارَ عن تلك الجياد بخمورهن، جمع خمار وهو الغطاء الذي يكون على رأس المرأة، يعني: أن الخيل لهن عندهم مكانة، حتى إن النساء من عنايتهن بهن يمسحن الغبار عنهن بِخُمُرِهِنَّ، يقول: تبعثهم الخيل فتنبعث النساء يضربن خدود الخيل بخُمُرهن لتردها، وكأن حسان رضي الله عنه أُوحى إليه بهذا، وتكلم به عن ظهر الغيب، فقد رووا (١) أن نساء مكة يوم فتحها ظللن يضربن وجوه الخيل ليرددنها (٢).

وقوله: ((فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ

وَإِلا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ)): يقول: إذا تركتمونا ندخل مكة فتحناها واعتمرنا، وإن أبيتم فاصبروا ليوم سوف تجدون فيه منا الضرب والطعان، والقتال والمنازلة، وهذا فيه إضعافٌ لقلوب المشركين وإدخال للرعب فيها، فمثل هذه الأبيات مما يؤثر تأثيرًا كبيرًا في المشركين.

قال الأبي رحمه الله: ((ظاهر هذا- كما قال ابن هشام-: أنه كان قبل الفتح في عمرة الحديبية، حين صُدَّ عن البيت)) (٣).

وقوله: ((يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ)): قال الأبي رحمه الله: ((هذا من تجاهل العارف؛ لأن حسان رضي الله عنه يعلم أن الله تعالى قد أعز دينه بقوله: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}، وغيرها من الآيات، وقد دل على ذلك في البيت الذي بعده)) (٤).


(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٥/ ٦٦).
(٢) شرح ديوان حسان بن ثابت، للبرقوقي (ص ٥).
(٣) إكمال إكمال المعلم، للأُبِّي (٦/ ٣٢٥).
(٤) إكمال إكمال المعلم، للأُبِّي (٦/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>