للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ، هِيَ مَعِي، كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا العُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا)) (١)، وبين- أيضًا- سبب حفظه؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال- يومًا-: ((مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي، ثُمَّ يَقْبِضْهُ، فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي)) فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ)).

وهذه منقبة لأبي هريرة رضي الله عنه، وهي عنايته وملازمته للرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا حفظ من العلم والحديث شيئًا كثيرًا، مع أن إسلامه تأخر إلى السنة السابعة من الهجرة، ومع ذلك فقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث سنوات ما يزيد عن خمسة آلاف حديث، فهو أكثر الصحابة حديثًا، وهذا بسبب انقطاعه وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم.

مسألة: هل أبو هريرة رضي الله عنه أفضل من الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم؛ لأنه فاقهم في نشر السنة؟

الجواب: لا شك أنهم أفضل وأعلم، ولا شك أنهم مشهود لهم بالجنة، وكذلك- أيضًا- قيامهم بأعباء الخلافة وعدلهم فيها، وهذا فضل عظيم، فالإمام العادل أولُ السبعة الذين يظلهم الله في ظله، كما أنهم فاقوا أبا هريرة رضي الله عنه في فضل السبق إلى الإسلام، فهم رضي الله عنهم المهاجرون الأولون الذين أسلموا قبل الفتح قبل صلح الحديبية في السنة الثالثة من الهجرة، وأبو هريرة رضي الله عنه أسلم في العام السابع من الهجرة كما مر.

وكذلك- أيضًا- فاقوه في العلم والفضل والتقى والعدل، ولكن أبا هريرة رضي الله عنه فاقهم في كثرة الأحاديث ونشر السنة، والقاعدة عند أهل العلم: أن الفضيلة الخاصة لا تغني عن الفضائل العامة، ففضيلة أبي هريرة رضي الله عنه خاصة، وفضائل الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم فضائل عامة.


(١) أخرجه البخاري (٣٧٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>