عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لِي: إِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ صَدَقَةُ طَيِّئٍ جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله:((بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ))، يعني: أن أول صدقة جاء بها عدي بن حاتم رضي الله عنه هي أول صدقة أفرحت رسوله الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسرَّتهم، وهذه منقبة ظاهرة لعدي بن حاتم رضي الله عنه، وهو من كرماء العرب المعروفين، كما كان أبوه حاتم الطائي، فقد كان يضرب به المثل في الكرم، فيقال: أَكْرَمُ من حاتم.
في هذا الحديث: أن هذه كانت عادة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان يدعو للناس ولا يدعو عليهم، إلا من غدر وآذى المسلمين، كرِعل وعصية وذكوان؛ فإنهم غدروا بالمسلمين وقتلوا القراء، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا؛ لشدة غضبه عليهم؛ ولذلك لما جاءه الطفيل رضي الله عنه وأصحابه، وقالوا:((يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ))، فإنه إذا دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هلكوا، وقد توقعوا أنه سيدعو عليهم وأنهم سيهلكون، لكن النبي صلى الله عليه وسلم خالف ظنهم، فدعا لهم بقوله:((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ))، وقد استجاب الكريم الجليل دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم فهداهم، وجاء بهم مسلمين تائبين، وهذه فضيلة ومنقبة لدوس، حيث هداهم الله للإسلام ومنَّ عليهم.