الْقِيَامَةِ)) المراد: لكل نبي دعوة مستجابة أجابها الله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم أخَّر دعوته ليوم القيامة.
وكل الأنبياء لهم دعوات، قد تستجاب، وقد لا تستجاب، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قوم، فقال الله له:{ليس لك من الأمر من شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}، وكل نبي قد تَعَجَّلَ دعوته، وأما نبينا صلى الله عليه وسلم فقد أخَّرها لأشد الحاجة يوم القيامة.
وقوله:((لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) وهذا مقيد، وإلا فإن لهم دعواتٍ أخرى كثيرة، لكن ((لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ))، يعني: في الدنيا، ((وَخَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
وقوله:((فَهِيَ نَائِلَةٌ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا)) وهم الموحدون الذي ماتوا على التوحيد، ولم يقع في عملهم شرك، من أهل الكبائر الذين ماتوا من غير توبة.
ولكن يبقى إشكال، وهو: أنه جاء في الحديث الآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع أربع شفاعات، وأنه تبقى بقية لا تنالهم الشفاعة، يخرجهم رب العالمين، بعد شفاعة الملائكة، وشفاعة النبيين، وشفاعة المؤمنين، فلا يبقى إلا رحمة أرحم الراحمين، فيُخرج قومًا من النار لم يعملوا خيرًا قط، كما مر، يعني: زيادة عن الإيمان، فكيف الجمع بينه وبين هذا الحديث:((فَهِيَ نَائِلَةٌ- إِنْ شَاءَ اللهُ- مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا)) وإن هذا الحديث معناه العموم، وهو أنه يعم كل من مات لا يشرك بالله شيئًا، والحديث السابق فيه: أنه تبقى بقية لا تنالهم الشفاعة.
ولنا في الجمع بين الحديثين جوابان:
الجواب الأول: إن معنى ((مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئًا)) أنه تنال الشفاعة أغلبهم، ويبقى بقية يخرجهم رب العالمين برحمته، وقوله: ((فَهِيَ