للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القاضي عياض رحمه الله: ((اعلم أن الرحم التى توصل وتقطع ويتوجه فيها البر والإثم إنما هي معنى من المعاني، وليست بجسم، وإنما هى القرابة والنسب، واتصال مخصوص تجمعه رحم والدة، فسمى ذلك الاتصال بها. والمعاني لا توصف بقيام ولا كلام ولا يصح منها.

وذكر مقامها وتعلقها هنا ضرب مثل، وحسن استعارة على مجاراة كلام العرب لتعظيم شأن حقها، وصلة المتصفين بها المتواصلين بسببها، وعظم إثم مقاطعتهم وعقوقهم؛ ولذلك سمى عقوقها قطعًا وهو معنى العقوق. والعق: الشق، كأنه قطع ذلك النسب الذى يصلهم)) (١).

وكلام القاضي هذا غلط، فليس في كلام الله مجاز ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى قادر على أن يجعل المعاني أجسامًا، كما يجعل الموت يوم القيامة- وهو معنى من المعاني- جسمًا على صورة كبش، ويذبح بين الجنة والنار، كما جاء في الحديث (٢)، وكذلك الأعمال يوم القيامة تجعل أجسامًا، فتوزن الحسنات والسيئات، فتثقل وتخف، فالقول بأن هذا معنى، وأن هذا استعارة، وأن هذا ضربُ مثلٍ، ليس بسليم.

والمراد بالرحم: القرابة مطلقًا، أي: سواء أكانت محرمية أم لم تكن، من جهة الأب، أو من جهة الأم، فيدخل في القرابة أولاد الأعمام والعمات، وأولاد الأخوال والخالات، الذكور والإناث، كلهم من القرابة، وكلهم من الرحم.

وقال بعضهم: إن هذا خاص بالقرابة المحرمية، بخلاف القرابة غير المحرمية، وعلى هذا يخرج أولاد الأعمام والأخوال؛ لأن هؤلاء يجوز للإنسان أن يتزوج منهم فلا يكون من الأرحام على هذا القول، وهو قول


(١) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ١٩).
(٢) أخرجه البخاري (٤٧٣٠)، ومسلم (٢٨٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>