للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((التَّقْوَى هَا هُنَا، وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ)): معناه: أن التقوى أصلها في القلب، ثم تتبعه الجوارح بالأعمال الصالحة.

وقوله: ((بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ) يعني: يكفيه من الشر كونه يحقر أخاه المسلم ويزدريه.

وقوله: ((كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، ومَالُهُ، وَعِرْضُهُ) يعني: ليس له أن يسفك دمه بغير حق، ولا أن يأخذ ماله بغير حق، ولا أن يستطيل في عرضه بغير حق، ومثل هذا الحديث في هذا المعنى ما جاء في الحديث الآخر من قوله عليه الصلاة والسلام: ((فإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ)) (١).

وفي هذين الحديثين: بيان الأسباب التي إذا فعلها المسلم كانت من أسباب الألفة والمحبة بينه وبين إخوانه المسلمين، وبيان الأسباب التي تكون سببًا في النفرة والشحناء والبغضاء والعداوة بينهم، والتي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لِما تؤدي إليه.

وفيهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم هذه الأسباب التي إذا حصلت بين المسلمين حصلت بينهم البغضاء، والعداوة، والمحن، والشحناء، والإسلام أراد من أفراده أن يكونوا إخوة متحابين متآلفين، قال تعالى: {إنما المؤمنون أخوة}، وقال سبحانه وتعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، فالمؤمن ولي أخيه المؤمن، والولي يحب لوليه الخير، ويكره له الشر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنّ الْمُؤْمِنُ لِلمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ أَصَابِعِهِ)) (٢)، وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ الوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى)) (٣).


(١) أخرجه البخاري (١٧٣٩)، ومسلم (١٦٧٩).
(٢) أخرجه البخاري (٤٨١)، ومسلم (٢٥٨٥).
(٣) أخرجه مسلم (٢٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>