للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسروا قوله تعالى: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أي: شدائدهما. وقد تكون الظلمات هاهنا عبارة عن الاتكال بالعقوبات عليه)) (١).

[٢٥٨٠] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).

[خ: ٢٤٤٢]

قوله: ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ) يعني: في دمه، فلا يسفك دمه، أو يقطع عضوًا من أعضائه، أو يجرح جسده، ولا يظلمه في ماله فيأخذه بغير حق، ولا يظلمه في عرضه، فيستطيل فيه.

وقوله: ((وَلَا يُسْلِمُهُ) يعني: لا يخذله، بأنْ يُسْلِمه للظالم، ليعتدي عليه، أو يسلمه لنفسه الأمَّارة بالسوء ولا يحجزه عن الظلم إن كان ظالِمًا، كما في الحديث الآخر: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ)) (٢)، فإن كان هو الظالم حجزه عن الظلم، وإن كان مظلومًا منع الظلم عنه، ولا يسلمه لعدوه؛ لأنه أخوه.

وقوله: ((مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ)): إذا كان المسلم في حاجة أخيه، يشفع له، أو يقضي دينه، أو يعينه في قضاء حاجة من حوائجه- كان الله في حاجته وقضاها له؛ فالجزاء من جنس العمل.

وقوله: ((وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)): هذا جزاء الإحسان، فمن فرَّج كُربةَ أخيه، بأن قضى دَينه فأُخرج من السجن


(١) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ٤٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>