للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي قيل فيه موجودًا فيه، وأما إذا لم يكن فيه فهذا يعدُّ بهتانًا، والبهتان: هو الباطل.

ولكن يُستثنى من الغيبة إذا كان الكلام لغرض شرعي صحيح وهي ستةُ أمور:

الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: فلان ظلمني وأخذ حقي، فهذا مستثنى؛ لأنه لا بد أن يطالب بحقه، ولا بد أن يتكلم في عرضه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ((لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ)) (١)، يعني: أن مماطلته تُحِلُّ عرضَه وعقوبته.

الثاني: الاستعانة على تغيير منكر، فيقول لمن يرجو قدرته: فلان يعمل كذا فازجره عنه، ونحو ذلك، أو يقول ذلك لبعض إخوانه ليساعدوه في إزالة المنكر.

الثالث: الاستفتاء، بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان، أو زوجي بكذا فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه ودفع ظلمه عني؟ ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، كما استفتت هند بنت عتبة رضي الله عنها زوجة أبي سفيان رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وقالت: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لا يَعْلَمُ، فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالْمَعْرُوفِ)) (٢).

الرابع: تحذير المسلمين من الشر والفساد، والمجرمين وأهل البدع، ومن ذلك: جرح الرواة، كأن يقول: فلان ضعيف، فلان يتكلم في القَدَر، فلان يرى مذهب الخوارج، فلان رافضي، فهذا ونحوه ليس بغيبة، وإنما هو نصيحة لله، ولرسوله، ولكتابه، ولعامة المسلمين، وذلك جائز


(١) أخرجه أحمد (١٧٩٤٦)، وأبو داود (٣٦٢٨)، والنسائي (٤٦٨٩)، وابن ماجه (٢٤٢٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>