{فما تنفعهم شفاعة الشافعين}، وهي ليست شفاعة في إخراجه من النار، وإنما شفاعة في تخفيف العذاب، وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة بأبي طالب، فلا يشفع أحد في الكفار، ولا يُشفع في غير أبي طالب، ومع ذلك فهي شفاعة تخفيف العذاب، لا شفاعة إخراج من النار، فهو ((فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ نَارٍ، يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ)) وفي لفظ آخر، كما سيأتي:((مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا، وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذابًا))، وهو أهون أهل النار عذابًا- نسأل الله السلامة والعافية.
وقوله:((وَلَوْلَا أَنَا)) يحتمل أنه تصرفٌ من بعض الرواة، وأنه روى الحديث بالمعنى، ويحتمل أن هذا كان أولًا، ثم نهي عن ذلك.
وقوله:((فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ)) يطلق الضحضاح على الماء القليل الذي يكون في قعر الإناء (١)، فأخرجه الله بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم من غمرات النار التي كان منغمسًا فيها إلى ضحضاح قليل، يغلي منها دماغه.
وقوله:((فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ)) الكعب هو العظمتان الناتئان في جنب القدم، فالضحضاح يصل إلى الكعب، ومع ذلك يغلي دماغه من هذا الضحضاح- نسأل الله العافية.
وقوله:((يَغْلِي))، يعني: يضطرب ويتحرك، كما يغلي الماء الذي يكون في القدر الذي تحته النار، فإذا كان هذا في ضحضاح من نار فكيف بالذي في وسط الغمرات؟ ! - نسأل الله تعالى السلامة والعافية.