هذا الحديث أوفى الأحاديث في ألفاظ البر، والصدق، والكذب، والفجور، ففيه: الحثُّ على الصدق، والتحذيرُ من الكذب بأفخم أسلوب، وأجزل عبارة.
والصدق يكون في الأقوال، ويكون في الأفعال، فمن الصدق في الأقوال قول الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، وقال تعالى:{قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم}، فمن صلى ولم يطع الله لم يصدق في صلاته، ومن صام ولم يجتنب ما حرم الله على الصائم لم يصدق في صيامه.
ومن الصدق في الأفعال ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا، فَمُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، والأُذُنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الاسْتِمَاعُ، واليَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا البَطْشُ، والرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ)) (١).
والمؤمن صادق في إيمانه، والمنافق كاذب في إيمانه، فالمنافقون يدَّعون الإيمان بألسنتهم، وهم كاذبون بقلوبهم، قال تعالى:{ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} إلى قوله: {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}، والمؤمنون صادقون في إيمانهم بألسنتهم وقلوبهم، فالقلب له صدق وله كذب كما أن الجوارح لها صدق ولها كذب.