للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.

قوله: ((مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟ قَالَ: قُلْنَا: الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا)): قال النووي رحمه الله: ((أصل الرقوب في كلام العرب الذي لا يعيش له ولد، ومعنى الحديث: أنكم تعتقدون أن الرقوب المحزون هو المصاب بموت أولاده وليس هو كذلك شرعا، بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته فيحتسبه، ويكتب له ثواب مصيبته به وثواب صبره عليه ويكون له فرطا وسلفا)) (١).

وقوله: ((لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ)): الصُّرَعة بضم الصاد المهملة وفتح الراء على وزن هُمَزَة: هو الذي يطرح الرجال أرضا ويصرعهم، قال النووي رحمه الله: ((إنكم تعتقدون أن الصرعةَ الممدوحَ القويَّ الفاضلَ هو القويُّ الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم، وليس هو كذلك شرعا، بل هو من يملك نفسه عند الغضب، فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل مَن يقدر على التخلق بخلقه ومشاركته في فضيلته، بخلاف الأول)) (٢).

وفي هذه الأحاديث: نفي الصفة عن غير الأكمل وإن كانت ثابتة فيه؛ لإثباتها للأكمل، فالنبي صلى الله عليه وسلم نفى الصفة- وهي القوة- عن الصرعة وإن كانت ثابتة فيه؛ ليثبتها للأكمل، وهو الذي يملك نفسه عند الغضب، وكذلك يقال في معنى الرقوب.


(١) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ١٦٢).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>