للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتقبيح أحوالهم؛ لأنه لا يعلم سر الله في خلقه، قالوا: فأما من قال ذلك تحزنًا لِمَا يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه ... وقال الخطابي: معناه: لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم، ويقول: فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم، أي: أسوأ حالًا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم، والله أعلم)) (١).

فلا ينبغي للإنسان أن يقول: هلك الناس، بل ينبغي أن يقول: كثر الهلاك في الناس، أو هلك كثير من الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: ((أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ ! قال: ((نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ)))) (٢)، وكما في قوله تعالى: {ولكن أكثر الناس لا يؤمنون}، وقوله تعالى: {ولكن أكثر الناس لا يشكرون}، وقوله تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} فالأكثر هالكون، وليس كل الناس هالكين، بل تبقى طائفة على الحق، كما في الحديث: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ)) (٣)، والطائفة الناجية ليست هالكة، وهم أهل السنة والجماعة أهل الحق، فلا يقال: هلك الناس كلهم.


(١) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ١٧٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٤٦)، ومسلم (٢٨٨٠).
(٣) أخرجه مسلم (١٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>