للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ) يعني: حجابًا، وفي اللفظ الآخر: ((حِجَابًا مِنَ النَّارِ)).

وفيهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قيده بالإحسان إليهن، بإحسان تربيتهن وتعليمهن حتى يزوجهن، ومن إحسان التربية اختيار الزوج الأمثل فالأمثل لهن، وذلك من أسباب دخول الجنة ومن أسباب العتق من النار، مع وجود الشروط الأخرى، وانتفاء الموانع، كالإيمان بالله ورسوله، وأداء الواجبات، وترك المحرمات، يعني: أن غير المؤمن لو كان عنده من البنات ما عنده ولو أحسن تربيتهن فلا يدخلنه الجنة، لأن هذا مقيد بالإيمان؛ ولأن الكافر ليس محسنا في تربيتهن بل هو مسيء في ذلك، فهو يربيهن على دين الكفر، وكذلك الشأن فيمن يفعل الكبائر كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والتعامل بالربا، فهذا متوعد بدخول النار، فلا بد له أولًا من اجتناب الكبائر، وفعل الواجبات.

وقوله: ((مَنِ ابْتُلِيَ)): إنما سماه ابتلاء لأن الناس يكرهونهن في العادة، قال الله تعالى: {وإذا بشر أحدكم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم}، فالله تعالى يبتلي بعض عباده بهذه البنات هل يحسن تربيتهن أو يسيء فيها؟ وكذلك الأولاد الذكور، والحياة كلها ابتلاء وامتحان، فالإنسان مبتلًى- أيضًا- بصحته، هل يستعملها في طاعة الله؟ وهو مبتلًى بالغنى، هل يستعمله في طاعة الله؟ وقد يبتلى بالفقر، هل يصبر أو يجزع؟ وقد يبتلى بالمرض، هل يصبر أو يتسخط؟ وما منا إلا وهو مبتلى، قال تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور}.

<<  <  ج: ص:  >  >>