للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومحبة المخلوق هي: الميل إلى المحبوب، والبغض: النفرة منه؛ ولهذا أنكر الأشاعرة المحبة والبغض، وقالوا: هذا ميل، والميل لا يليق بالله.

وأهل السنة والجماعة يقولون: الميل يكون في محبة المخلوق، وأما محبة الخالق فهو وصف يليق بجلاله وعظمته، وبعضهم فسرها بالثواب، والثواب أثر، وفسروا البغض بالعقوبة، والعقوبة أثر من آثاره.

وفيه: إثبات المحبة والبغض للملائكة، فهم يحبون ويبغضون.

وفيه: إثبات أن الملائكة أشخاص وذوات محسوسة، تصعد وتنزل، وتروح وتجيء، وتحب وتبغض، وتكتب أعمال العباد، خلافًا للفلاسفة كأرسطو وأتباعه الذين أنكروا الملائكة، وقالوا: إنهم أشباح وأشكال نورانية، ليسوا ذواتًا وأشخاصًا، وهذا كفر- والعياذ بالله- فمن أنكر وجود الملائكة كفر.

والفلاسفة القدامى في الجملة يعظمون الشرع والإلهيات، وأول من ابتدع القول بقدم العالم هو أرسطو (١)، وكان مشركًا يعبد الأصنام، وخالف شيخه أفلاطون الذي كان يثبت الصانع ويثبت حدوث العالم، فجاء بعده تلميذه أرسطو وابتدع القول بقدم العالم، والقول بقدم العالم معناه الإنكار لوجود الله، وأنه ليس له أول، وأنكر الملائكة.

وفيه: أن من استقام على طاعة الله وعظَّم حدوده فإنه تعالى يحبه، ويحبه جبريل عليه السلام، وتوضع له المحبة في الأرض والقبول فيها، وهذا من الثواب المعجل في الدنيا قبل الآخرة.

وأما من تنكب الطريق وانحرف عن شرع الله فإنه تعالى يبغضه، وتبغضه الملائكة، وتوضع له البغضاء في الأرض، وهذه عقوبة معجلة- نسأل الله السلامة والعافية.


(١) شرح الأصبهانية، لابن تيمية (ص ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>