المرتبة الثانية: الكتابة، أي: أن الله كتب مقادير الخلق في اللوح المحفوظ.
المرتبة الثالثة: المشيئة، أي: أن الله أراد كل شيء في هذا الوجود وشاءه.
المرتبة الرابعة: الخلق والإيجاد، أي: أن الله خلق العباد، وأرزاقهم، وآجالهم، وأعمالهم، وصفاتهم، وسعادتهم، وشقاوتهم.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه بيان خلق الإنسان، وأنه يخلقه الله أطوارًا؛ لذلك قال:((يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً))، ثم تنتقل هذه النطفة إلى طور آخر، فتكون ((عَلَقَةً))، أي: قطعة دم أربعين يومًا، ثم تنتقل إلى الطور الثالث، فتكون ((مُضْغَةً))، أي: قطعة لحم، وسُمِّيَت بمضغة؛ لأنها بقدر ما يُمضغ في الفم، فهذه ثلاثة أطوار، كل طور أربعين يومًا، فالمجموع: مائة وعشرين يومًا.
ثم بعد مائة وعشرين يومًا:((يُرْسَلُ الْمَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ، أَوْ سَعِيدٌ)) والرزق قد يكون حلالًا، وقد يكون حرامًا، خلافًا للمعتزلة الذين يقولون: إن الحرام ليس من زرق الله (١).
وفيها: أن الإنسان لا بد أن يصير إلى ما كتبه الله وقضاه؛ لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا)).
والتقدير أنواع:
الأول: التقدير العام، وهو كتابة الله مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ.
الثاني: التقدير العمري للإنسان، وهو مأخوذ من التقدير العام الذي كُتب في اللوح المحفوظ، وهو موافق له.
(١) شرح الأصول الخمسة، للقاضي عبد الجبار (ص ٧٨٤)، لوامع الأنوار البهية، للسفاريني (١/ ٣٤٤).