للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المماسة، ولا تقتضي المقاربة، والبينية أمرها واسع، قال تعالى: {والسحاب المسخر بين السماء والأرض}، فالسحاب بين السماء والأرض، وبينهما مسافة، وليس السحاب مماسًّا للسماء، ولا للأرض.

قال النووي رحمه الله: ((هذا من أحاديث الصفات، وفيها القولان السابقان قريبًا، أحدهما: الإيمان بها من غير تعرض لتأويل، ولا لمعرفة المعنى، بل يؤمن بأنها حق، وأن ظاهرها غير مراد)) (١).

قلت: وهذا قول المفوضة، والصواب: أن ظاهرها مراد، وأن إثبات الأصابع حقيقة.

ثم قال: ((والثاني: يتأول بحسب ما يليق بها، فعلى هذا فالمراد: المجاز، كما يقال: فلان في قبضتي، وفي كفي، لا يراد به: أنه حالٌّ في كفه، بل المراد: تحت قدرتي)) (٢).

قلت: وهذا قول المؤولة المعطلة الذين عطلوا الله من صفاته، وهو قول باطل، ما هو الداعي إلى القول بالمجاز؟ والله تعالى يقول: {قل أأنتم أعلم أم الله}، وهل أنتم أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بربه؟ والرسول صلى الله عليه وسلم أثبت الأصابع لله، فقال: ((بَيْنَ إِصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ)).

والمجاز خلاف الحقيقة، واللغة العربية لا مجاز فيها، كما بين ذلك المحققون من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (٣).

والنووي رحمه الله لم يذكر قول السلف؛ لأن الأول: قول المفوضة، والثاني: قول المؤولة.

أما قول السلف فهو: إثبات الأصابع لله، والمعنى معروف، وأما الكيفية فالله أعلم بها، كما قال الإمام مالك رحمه الله: ((الاستواء غير مجهول، والكيف


(١) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ٢٠٤).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٦/ ٢٠٤).
(٣) الإيمان، لابن تيمية (ص ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>