قوله:((إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا، وَقَدْ كَانَتِ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ قَبْلَ ذَلِكَ))، يعني: أن الممسوخ لا يُنسِل ولا يتكاثر بل، يفنى بفناء الممسوخين أنفسهم، وقد كانت الخنازير موجودة قبل المسخ في بني إسرائيل.
وفي هذا الحديث: دليل على أن الدعاء يتفاضل، وأن الدعاء بالاستعاذة من عذاب القبر، وعذاب النار، ومضلات الفتن، وسؤال الله العفو والعافية أفضل من الدعاء بطول عمر الأبوين، أو الإخوة، أو الأبناء، وأفضل من طلب الدنيا، ولكن لم يَنْهَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حبيبةَ رضي الله عنها عن قول:((اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ))، وإنما بيَّن لها أن الأفضل من هذا: أن تسأل الله أن يعيذها من عذاب القبر، وعذاب النار.
وفيها: إثبات أن قدر الإنسان قد قدَّره الله لأيام مضروبة، وآجال معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يُؤخَّر شيء منها بعد حِلِّه، ولن يُعجَّل شيء قبل حله؛ فالأرزاق والآجال محدَّدة، لا تزيد ولا تنقص، قال الله تعالى:{ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها}؛ ولهذا كان الإمام أحمد يكره أن يدعى له بطول العمر، ويقول: إن هذا أمر فُرغ منه (١)، لكن ظاهر حديث أم حبيبة أنه جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ أَوْ عَذَابٍ في القَبْرِ كَانَ خَيرًا))، ولم يقل: إنه ممنوع، فدل