النوع الثاني: متشابه نسبي إضافي، وهذا يعلمه الراسخون في العلم، وطريقة الراسخين في العلم: العمل بالمحكم، ورد المتشابه إليه حتى يتضح، أما أهل الزيغ فإنهم يتبعون المتشابه، ويتركون المحكم، فإذا رأيت من يفعل ذلك فاحذره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ؛ فَاحْذَرُوهُمْ)).
فمثلًا إذا استدل النصراني على تعدد الآلهة بقوله تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فقال: دل الجمع على أن الآلهة ثلاثة، فإن الراسخين في العلم يردون هذا المتشابه إلى المحكم، وهو قوله تعالى:{وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}، ويفسرون:{إنا نحن} في لغة العرب بالواحد المعظِّم نفسَه.
والتأويل له ثلاثة معانٍ اصطلاحية:
الأول: الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، والكلام نوعان: خبر، وأمر، فإن كان الكلام خبرًا فتأويل الحقيقة: وقوع المخبَر به، كقوله تعالى:{هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق}، يعني: يوم يقع تأويله، وهو يوم القيامة، فتأويل ما أخبر الله به عن الجنة والنار والحساب والجزاء هو وقوعه، حينما يقع الحساب والجزاء ودخول المؤمنين الجنة، ودخول الكافرين النار.
ومنه: قول الله تعالى- عن يوسف عليه السلام لما سجد له أبواه وإخوته-: {قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل}، يعني: وقع تأويل الرؤيا بعد ثلاثين سنة، أو بعد أربعين سنة.
وإن كان الكلام أمرًا فإن وقوعه فعل المأمور به، كحديث عائشة رضي الله عنها- لما نزل قول الله تعالى:{إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا فسبح بحمد ربك واستغفره} -: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده وركوعه: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ