للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السنة: أن الأنبياء وصالح البشر أفضل من الملائكة، وذهبت المعتزلة إلى تفضيل الملائكة على البشر، وأتباع الأشعري على قولين: منهم من يفضل الأنبياء والأولياء، ومنهم من يقف ولا يقطع فيهما بشيء، وحكي عن بعض متأخريهم أنه مال إلى قول المعتزلة، وربما حكي ذلك عن بعض من يدعي السنة ويواليها، وذُكر لي عن بعض من تكلم في أعمال القلوب أنه قال: أما الملائكة المدبِّرون للسماوات والأرض وما بينهما، والموكَّلون ببني آدم؛ فهؤلاء أفضل من هؤلاء الملائكة، وأما الكروبيون (١) الذين يرتفعون عن ذلك فلا أحد أفضل منهم، وربما خص بعضهم نبينا صلى الله عليه وسلم، واستثناؤه من عموم البشر إما تفضيلًا على جميع أعيان الملائكة، أو على المدبِّرين منهم أمْرَ العالم.

هذا ما بلغني من كلمات الآخرين في هذه المسألة، وكنت أحسب أن القول فيها محدث، حتى رأيتها أثرية سلفية صحابية، فانبعثت الهمة إلى تحقيق القول فيها، فقلنا- حينئذٍ- بما قاله السلف)) (٢).

قلت: وحقق القول فيها رحمه الله بأن الأنبياء وصالح البشر أفضل، حينما يدخلون الجنة، وتُغفَر ذنوبهم، وتُرفع درجاتهم، ويُنقَّون من أدران الذنوب، أي: أن الملائكة أفضل في أول الحال، والمؤمنين أفضل في آخر الحال.

فقال رحمه الله: (( .. التفضيل إذا وقع بين شيئين فلا بد من معرفة الفضيلة ما هي؟ ثم ينظر أيهما أولى بها؟ وأيضًا فإنا إنما تكلمنا في تفضيل صالحي البشر إذا كملوا ووصلوا إلى غايتهم وأقصى نهايتهم، وذلك إنما يكون إذا دخلوا الجنة ونالوا الزلفى وسكنوا الدرجات العلى، وحيَّاهم الرحمن


(١) وهم الملائكة الذين حول العرش؛ كجبريل وميكائيل وإسرافيل. فتح الباري، لابن حجر (١٣/ ٣٨٧).
(٢) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٤/ ٣٥٦ - ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>