وفي هذا الحديث: تفويض الأمر إلى الله عز وجل؛ لهذا قال:((اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ))، يعني: اِنقدتُ لشرعك ودينك، ((وَبِكَ آمَنْتُ))، أي: صدَّقت.
وفيه: فرق بين الإسلام والإيمان، وأنهما إذا اجتمعا فُسِّر الإسلام بالأعمال الظاهرة، وفُسِّر الإيمان بالأعمال الباطنة، وإذا افترقا دخل كل منهما في الآخر.
وفيه: الرد على المعتزلة، والقدرية الذي يقولون: إن الإنسان هو الذي يُضل نفسه، ويَهدي نفسه، وأن نسبة الإضلال والهداية إنما هي من جهة التسمية فحسب، وهذا باطل؛ لأن الهداية والإضلال بيد الله تعالى، كما قال تعالى:{ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا}.
قال النووي رحمه الله:((قوله ((إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ يَقُولُ: سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا رَبَّنَا صَاحِبْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ)): أما أسحر فمعناه: قام في السحر، أو انتهى في سيره إلى السحر، وهو آخر الليل، وأما سمع سامع فروي بوجهين: أحدهما: فتح الميم- من سمع- وتشديدها، والثاني: كسرها مع تخفيفها، واختار القاضي هنا وفي المشارقِ، وصاحبُ المطالعِ التشديدَ، وأشار إلى أنه رواية أكثر رواة مسلم، قالا: ومعناه: بلَّغ سامع قولي هذا لغيره، وقال مثله؛ تنبيهًا على الذكر في السَّحر، والدعاء في ذلك، وضبطه الخطابي وآخرون بالكسر والتخفيف، قال الخطابي: معناه: شهد شاهد على حمدنا لله تعالى على