للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذا الحديث: تفويض الأمر إلى الله عز وجل؛ لهذا قال: ((اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ) يعني: اِنقدتُ لشرعك ودينك، ((وَبِكَ آمَنْتُ) أي: صدَّقت.

وفيه: فرق بين الإسلام والإيمان، وأنهما إذا اجتمعا فُسِّر الإسلام بالأعمال الظاهرة، وفُسِّر الإيمان بالأعمال الباطنة، وإذا افترقا دخل كل منهما في الآخر.

وفيه: الرد على المعتزلة، والقدرية الذي يقولون: إن الإنسان هو الذي يُضل نفسه، ويَهدي نفسه، وأن نسبة الإضلال والهداية إنما هي من جهة التسمية فحسب، وهذا باطل؛ لأن الهداية والإضلال بيد الله تعالى، كما قال تعالى: {ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا}.

[٢٧١٨] حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ يَقُولُ: ((سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ)).

قال النووي رحمه الله: ((قوله ((إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ يَقُولُ: سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا رَبَّنَا صَاحِبْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ)): أما أسحر فمعناه: قام في السحر، أو انتهى في سيره إلى السحر، وهو آخر الليل، وأما سمع سامع فروي بوجهين: أحدهما: فتح الميم- من سمع- وتشديدها، والثاني: كسرها مع تخفيفها، واختار القاضي هنا وفي المشارقِ، وصاحبُ المطالعِ التشديدَ، وأشار إلى أنه رواية أكثر رواة مسلم، قالا: ومعناه: بلَّغ سامع قولي هذا لغيره، وقال مثله؛ تنبيهًا على الذكر في السَّحر، والدعاء في ذلك، وضبطه الخطابي وآخرون بالكسر والتخفيف، قال الخطابي: معناه: شهد شاهد على حمدنا لله تعالى على

<<  <  ج: ص:  >  >>