غفر الله له، ولو كان مشركًا لما غفر الله له؛ لأنه سبحانه وتعالى حرم الجنة على المشركِ، قال الله تعالى:{إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار}.
أما الذين يعبدون الأوثان ويطوفون بالقبور ويدعونها من دون الله وهم يعيشون بين المسلمين فلا يُعذَرون؛ لأن هذا هو الأمر الذي بعث الله به رسوله، قال الله تعالى:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} وقد بَعث الرسولَ، وقال:{وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}، وهذا أمر عظيم يبدئ القرآن فيه ويعيد، وليس هذا الشرك من الأمور الخفية.
[٢٦١٩] قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا)).
هذان الحديثان اللذان حدثهما الزهري عجيبان: الأول هذا الرجل الذي غفر الله له فيه: سعة رحمة الله، وفيه: الرجاء، والحديث الثاني حديث الهرة، فيه: الخوف؛ فالحديثان فيهما الجمع بين الخوف والرجاء، فإذا ضممتَ حديث هذا الرجل الذي غفر له، وحديث هذه المرأة التي عُذبت بالهرة أفادا الجمع بين الخوف والرجاء، وهو ما يجب أن يكون عليه قلب المسلم.