للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذه الأحاديث: إثبات الغيرة لله، وأنه ليس أحد أغير منه، وهي صفة من الصفات الفعلية التي تليق بجلال الله وعظمته، لا يماثل فيها أحدًا من خلقه، فالغيرة والمحبة والغضب والسخط والرضا والعَجب كل هذه من الصفات الفعلية التي تليق بجلاله تعالى.

وليست الغيرة تحريم الفواحش كما قال النووي (١)، وإنما الغيرة وصف يليق بالله، ومن آثاره: تحريم الفواحش؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ)).

وكذلك أول الأشاعرة الغضب بالانتقام، والانتقام إنما هو أثر من آثار الغضب، والغضب وصف يليق بالله، وكذلك تأويلهم الرضا بالثواب، والرضا وصف يليق بالله، ومن آثاره: ثواب المؤمنين.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ)): يعني: أن الله سبحانه وتعالى قطع العذر؛ ولهذا أرسل الرسل مبشرين ومنذرين؛ لئلَّا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

قال النووي: ((قال القاضي: يحتمل أن المراد: اعتذار العباد إليه من تقصيرهم)) (٢).

وهذا خطأ؛ إذ الله تعالى قد أرسل الرسل مبشرين ومنذرين؛ لأنه سبحانه ليس أحد أحبَّ إليه العذر منه.


(١) شرح مسلم، للنووي (١٧/ ٧٧).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٧/ ٧٨)، إكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>