وفيه: أن التوبة مقبولة من كل تائب مهما كبر الذنب وعظم، قال الله تعالى:{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم} قال العلماء: هذه الآية نزلت في التائبين؛ لأن الله عمم وأطلق جميع الذنوب ولم يقيد، بخلاف قوله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فهذه لغير التائبين؛ لأن الله خص الشرك بأنه غير مغفور، وعلق ما دونه على المشيئة، فإذا تاب الإنسان من الذنب مهما عظم فإن الله يتوب عليه، ولو كان شركًا، لكن بشرط أن يأتي بشروط التوبة التي مضى الحديث عنها.
وفيه: شؤم الفتوى الباطلة؛ فإن هذا الرجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، ثم سأل عن عالم فدُلَّ على راهب فأفتاه فتوى باطلة، فكان من شؤم فتواه أنه قتله، وهذه عقوبة عاجلة؛ لأنه أفتى على غير بصيرة، ثم بعد ذلك لما قتله وكمل به المائة أوقع الله في نفسه الندم والتوبة، فسأل فدُلَّ على عالم، فجاءه فقال: إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ قال: من ذا الذي يحول بينك وبين التوبة؟ وهذا هو العلم والنور والبصيرة، وأرشده إلى الأسباب المعينة على التوبة، ومنها: أن يبتعد عن أرض المعصية، ولا يعاود المعصية، قال: اخرج من قريتك هذه؛ فإنها قرية سوء، واذهب إلى قرية كذا؛ فإن فيها قومًا صالحين فاعبد الله معهم، ففيه: دليل على أن الرفقة الصالحة لها تأثير، وأن الرفقة السيئة لها تأثير، فهذه القرية قرية سوء تحمله