للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العبد يوم القيامة؛ فيضع عليه كَنَفَه؟ )) قال: هكذا نقول: يدنيه ويضع كَنَفَه عليه؛ كما قال؛ يقول له: أتعرف ذنب كذا (١). والستر والعفو أثر هذا الكنف، والأشعرية دائمًا يفسرون الصفة بأثرها فيفسرون الفرح بالرضا، والغضب بالعقاب، والكنف بالستر (٢)، وهذه من آثار الصفات، وليست هي الصفات، وأما ما نقله البخاري في خلق أفعال العباد عن ابن المباركِ قال: ((كَنَفُهُ، يَعْنِي: سِتْرَهُ)) (٣)، وهذا جاء في رواية ((فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وسِتْرَهُ)) (٤)، فهذا بيان لأثر الصفة، والمعنى: أنه تعالى يستر عبده عن رؤية الخلق له؛ لئلَّا يفتضح أمامهم فيخزى؛ لأنه حين السؤال والتقرير بذنوبه تتغير حاله، ويظهر على وجهه الخوف الشديد، ويتبين فيه الكرب والشدة.

قال النووي: ((الدنو هنا: كرامة وإحسان، لا دنو مسافة، والله سبحانه وتعالى منزه عن المسافة وقربها)) (٥).

وهذا باطل؛ لأن الدنو دنو حقيقي، والله أعلم بكيفيته.

وفي هذا الحديث: فضل الله تعالى على المؤمن وإحسانه إليه؛ فإن الله يخاطبه خطاب ملاطفة، ويناجيه مناجاة المصافاة والمحادثة، فيقول له: هل تعرف؟ فيقول: رب أعرف، فيقول الله- ممتنًا عليه، ومظهرًا فضله لديه-: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، أي: لم أفضحك بها فيها، وأنا أغفرها لك اليوم.

وفيه: إثبات الكلام لله عز وجل.


(١) بيان تلبيس الجهمية، لابن تيمية (٨/ ١٩٣).
(٢) أساس التقديس، للرازي (ص ٥٨)، متن الجوهرة، للقاني (ص ٧).
(٣) خلق أفعال العباد، للبخاري (ص ٧٨).
(٤) أخرجه الطبراني في الأوسط (٣٩١٥).
(٥) شرح مسلم، للنووي (١٧/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>