للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

((ولا صدقة من غلول)) الغلول: هو الخيانة، والأخذ من مال الغنيمة قبل قسمتها، فإذا قاتل المسلمون الكفار وغنموا شيئًا من الأموال فإن هذه الغنائم تجمع ويخرج الخمس منها، ويقسم هذا الخمس إلى خمسة أخماس؛ لله ولرسوله، ولقرابة الرسول، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وأربعة أخماس يقسمها قائد الجيش، أو ولي الأمر على الغانمين؛ فلا يجوز للإنسان أن يأخذ شيئًا من الغنيمة قبل أن تقسم، وإن أخذ منها قبل القسمة يسمى غلولًا، وهو من كبائر الذنوب، ولما قتل مولى للرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى الغزوات قال الناس: هنيئًا له الجنة! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((كلا، والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم- لم تصبها المقاسم- لَتشتعلُ عليه نارًا)) (١)، والشملة قطعة قماش أخذها من الغنيمة فالتهبت عليه نارًا، وهذا الغلول لو تُصُدِّق به لا يُقبل؛ لأنه مال حرام مسروق وسحت، ويُلحق به ما أُخذ من بيت المال بغير حق، وكذلك ما اختُلس من أموال الصدقات والأوقاف فهو غلول وخيانة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تُقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول)).

قوله: ((وكنتَ على البصرة)) أي: وكنتَ يا ابن عامر واليًا على البصرة؛ فتعلقت بك أمور وتبعات، فكيف أدعو لك وأنت توليت ما توليت من أمور المسلمين، وحصل منك ظلم للرعية، فلا بد لك من التوبة- وكان معروفًا عنه الظلم - وإنما قال ابن عمر ذلك لابن عامر حثًّا له على التوبة، وزجرًا له عن ظلم الرعية، وإلا فلا بأس بالدعاء للفاسق، بل ويدعى للكافر، فإنه لما امتنعت دوس عن الدخول في الإسلام، فقالوا: يا رسول الله، إن دوسًا عصت وأبت، فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، قال: ((اللهم اهدِ دوسًا وأت بهم)) (٢)، فهداهم الله وأتى بهم، ودخلوا في الإسلام.


(١) أخرجه البخاري (٦٧٠٧)، ومسلم (١١٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢٩٣٧)، ومسلم (٤٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>