للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((وَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي- أَوْ: رُوعِيَ)): الرُّوع- بضم الراء-: يعني القلب، أما الرَّوع- بفتح الراء- فهو الخوف؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ}.

ولما أُلقي في قلب ابن عمر رضي الله عنهما وعرف أنها النخلة هاب وسكت؛ لأنه راعى أسنان القوم، أي: أصحاب السن الكبيرة، فأجاب النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأنها: ((هِيَ النَّخْلَةُ)).

وفي هذا الحديث: مثلٌ آخرُ ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن في كثرة خيره وبره؛ فقد شبهه بالنخلة في كثرة خيراتها، والنخلة كلها مفيدة، شحمها- وهو الجُمَّار-، وليفها، وكربها، وجذعها، حتى شوكُها، وخُوصها، وحتى تمرُها ونواته، فليس فيها شيء ضائع؛ فالجذع يجعل في السواري، والعسب يجعل في السقوف، والخوص يُنسج منه الفرش ... وهكذا.

والنخلة خضراء طول الوقت- صيفًا وشتاءً وربيعًا وخريفًا- فهي لا تيبس، بخلاف معظم الأشجار؛ فإنها تيبس في بعض فصول السنة.

كذلك المؤمن فإنه نافع ومفيد، وناصح لعباد الله عز وجل في حياته وبعد مماته، كما في قصة صاحب ياسين عليه السلام؛ فإنه نصح لقومه حتى بعد قتله، كما قال تعالى: {قال يا ليت قومي يعلمون بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}.

وفيه: جواز إلقاء العالِم المسألةَ على أصحابه؛ ليختبر ما عندهم من علم.

وفيه: فرح الإنسان بنجابة ابنه؛ لقول عمر رضي الله عنه- لابنه عبد الله-: ((لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِيَ النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا)).

وفيه: أنه ينبغي للإنسان إذا كان بمجلس علم وسئل عن مسألة وكان عنده علم بها أن لا يحقر نفسه، ولو كان صغيرًا في السن؛ فقد يكون العلم مع الصغير، ويخفى على الكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>