للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إثبات الصورة لله عز وجل، فالله تعالى له صورة، وهي صفة من صفاته كسائر الصفات، وكل موجود له صورة، وليس المراد: أن الضمير راجع إلى آدم عليه السلام، كما قاله بعضهم، ومنهم النووي رحمه الله (١).

ولهذا لما سُئل الإمام أحمد رحمه الله، كما نقل ذلك عنه ابنه قال: ((قال رجل لأبي: إن رجلًا قال: خلق الله آدم على صورته، أي: صورة الرجل، فقال: كذب، هو قول الجهمية)) (٢).

فالقول بأن الضمير يعود على آدم عليه السلام قول باطل، وأبطل منه من يقول: إن الضمير يعود إلى المضروب، وأنه من التشبيه المقلوب، وذلك كما في حديث: ((إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ؛ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)) (٣)، يعني: على صورة المضروب، ويكون من باب التشبيه المقلوب، كما ذكره الرازي في أساس التقديس (٤)، وقد رد عليه أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتابه: بيان تلبيس الجهمية (٥).

ويؤيد هذا الروايةُ الأخرى: ((أن الله خلق آدم على صورة الرحمن)) (٦)، وقد نقل الحافظ ابن حجر تصحيح الإمام أحمد لهذا الحديث (٧).

وليس في إثبات الصورة لله عز وجل تشبيه له تعالى بخلقه؛ لأنها منفية بالنص والإجماع، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وقال سبحانه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}، وقال


(١) شرح مسلم، للنووي (١٧/ ١٧٨).
(٢) فتح الباري، لابن حجر (٥/ ١٨٣).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦١٢).
(٤) أساس التقديس، للرازي (ص ١١٠).
(٥) بيان تلبيس الجهمية، لابن تيمية (٦/ ٣٥٨).
(٦) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (٥١٧)، وعبد الله بن أحمد في السنة (٤٩٨)، والطبراني في الكبير (١٣٥٨٠)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٦٤٠).
(٧) فتح الباري، لابن حجر (٥/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>