كداود وسليمان وذي القرنين عليهم السلام من الأنبياء الملوك، وكأبي بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من أغنياء الصحابة، ومَن بعدهم مِن الملوك والرؤساء الصالحين، فهؤلاء وإن كانوا أغنياءَ إلا أنهم آمنوا بالله ورسوله، وأنفقوا مما أعطاهم الله في وجوه الخيرات.
وكذلك النار أهلُها هم الجبارون المتكبرون، وهذا وصف أغلبي- أيضًا- في أهلها؛ لأن الغالب أن الجبارين والمتكبرين والكبراء لا يستجيبون للرسل؛ لأن ما عندهم من الأموال والجاه والسلطان يمنعهم من الانقياد للرسل.
كذلك قد يدخل النار الضعفاء الذين كتب الله عليهم الشقاوة بسبب كبرهم، وعدم قبولهم الحق، وعدم انقيادهم لما جاءت به الرسل.
وفيه: أن الله تعالى وعد الجنة والنار بملئهما، فأما الجنة فلا تمتلئ، بل يبقى فيها فضل، فَيُنشأ الله لها خلقًا ويُدخلهم فيها، وأما النار فلا تمتلئ حتى يضع فيها ربُّ العزة قدمه، فعند ذلك تمتلئ ويُزْوَى بعضها لبعض، وتقول: قط قط، يعني: حسبي حسبي.
وأما ما جاء في بعض الأحاديث:((وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيهَا)) (١)، فقد انقلب على بعض الرواة وأخطأ فيه؛ فالله تعالى لا يعذب أحدًا من غير جرم، وإنما هذا الحديث في الجنة.
وفيه: إثبات القدم لله عز وجل، وأن النار لا تمتلئ حتى يضع فيها ربُّ العزة قدمه، وفي لفظ:((رِجْلَهُ))، والقدم صفة من صفاته تعالى، كما يليق بجلاله وعظمته.
وقد أوَّلها بعضهم بتأويلات باطلة، منهم النووي رحمه الله، حيث قال: ((هذا الحديث من مشاهير أحاديث الصفات، وقد سبق مرات بيان اختلاف