للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ)).

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي: ابْنَ سَلَمَةَ- أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يَبْقَى مِنَ الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْقَى، ثُمَّ يُنْشِئُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا خَلْقًا مِمَّا يَشَاءُ)).

في هذه الأحاديث: أن الجنة رحمة، وهي من الرحمة المخلوقة، فالرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:

إحداهما: مضافة إليه إضافة المفعول إلى فاعله، كقوله في هذا الحديث: ((قَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي)).

الثانية: رحمة هي صفته؛ وصفاته تعالى غير مخلوقة، وإضافتها إليه من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ كما قال تعالى- عن نبي الله سليمان عليه السلام-: {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين}، وقال تعالى: {وربك الغفور ذو الرحمة}، وقال تعالى: {الرحمن الرحيم}.

قوله: ((وَغِرَّتُهُمْ)): قال النووي: ((أي: البُلْهُ الغافلون الذين ليس بهم فتك وحذق في أمور الدنيا، وهو نحو الحديث الآخر: ((أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ)) (١). قال القاضي عياض: معناه سواد الناس وعامتهم من أهل الايمان الذين لا يفطنون للشبه فيدخل عليهم الفتنة، أو يُدْخِلهم في البدعة أو غيرها، فهم ثابتو الإيمان وصحيحو العقائد. وهم أكثر المؤمنين، وهم أكثر أهل الجنة، وأما العارفون والعلماء العاملون والصالحون المتعبدون فهم قليلون، وهم أصحاب الدرجات)) (٢).


(١) أخرجه البيهقي في الشعب (١٣٠٣)، وقال: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر.
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٧/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>