وقوله:((نَعَمْ، فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ، وَالْمَجْبُورُ، وَابْنُ السَّبِيلِ، يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا)): فالمستبصر: المستبين لذلك الأمر القاصد له عمدًا، والمجبور: المكره، وابن السبيل: الذي تبع الجيش وليس منهم، كل هؤلاء يهلكهم الله مهلكًا واحدًا، فتنزل العقوبة وتعم الجميع.
وقوله:((وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ))، يعني: يُبعثون على نياتهم، فمن كانت له نية سيئة- مثل المستبصر- فإنه يعاقَب عليها، ومن لم تكن له نية سيئة- كالمجبور وابن السبيل- فلا يعاقب أصلًا.
والعقوبة في الدنيا لَمَّا تأتي لا تحاشي أحدًا، وإنما تعم الجميع؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((خُسِفَ بِهِمْ))، أي: جميعًا- ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي هذا الحديث: أن جيشًا يغزو قومًا في مكة ليس لهم منعة، ولا عدد، ولا عدة.
وفيه: أن الإنسان يجب أن يبتعد عن أهل السوء والشر؛ لئلا يصيبه ما أصابهم.
وفيه: أن من كثَّر سواد أهل الشر وكان معهم أصابه ما أصابهم من العقوبات.