وقوله:((إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ))، يعني: جمعها له، وجعله ينظر إلى مُلك أمته، وهذا من الغيب الذي أطلع الله عليه نبيه صلى الله عليه وسلم.
وفيه: دليل على أن ملك الأمة سيتسع من جِهَتَي المشرق والمغرب أكثر من غيرهما من الجهات؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:((فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا))، بخلاف جِهَتَي الشمال والجنوب، فكان التوسع من ناحيتهما أقل.
وفيه: عَلَمٌ من أعلام النبوة، حيث وقع كما أخبر، وقد اتسع ملك أمته صلى الله عليه وسلم من جهة المشرق والمغرب.
ومن علامات النبوة- أيضًا-: قوله صلى الله عليه وسلم: ((وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ))، يعني: الذهب والفضة، والمراد: كنزَا كسرى وقيصر؛ وذلك أن أمته في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتحت هذه البلدان، وكسروا ملك كسرى، وملك قيصر، وأُتي بالكنزين الأحمر والأبيض إلى عمر رضي الله عنه.
وفيه: أن الله تعالى أعطى نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يُهلك أمته بأمرين:
الأول: ألا يهلكها بالقحط العام، فإذا حصل الجدب يكون في ناحية من نواحي الأرض، وبقيةُ بلاد الإسلام لا يصيبها قحط.
الثاني: ألا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، والبيضة هي: الأصل، والجماعة، وتطلق على العز والملك، يعني: ألا يسلط عليهم عدوًّا يقضي على الأمة كلها، حتى يُهلك بعضهم بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا، وجاء في الحديث الآخر:((سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي: أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا))؛ ولهذا قال في الحديث:((حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا)).