للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ) يعني: تخرج طائفة من جيش المسلمين، وتقابلها طائفة من الروم، فيقتتلون، فتفنى الطائفة وتنتهي، ويأتي عليها الليل كُلٌّ غير غالب.

فهذه ثلاثة أيام، كل يوم تخرج طائفة من الجيش، فتقابلها طائفة من الروم، وتفنى هذه الطائفة، فيجيء الليل كلٌّ غير غالب، فيفعلون هذا ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع ((نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلَامِ))، و ((نَهَدَ)): بفتح النون والهاء، أي: نهض وقام إليهم بقية أهل الإسلام، فقاتلوهم قتالًا شديدًا، حتى يهزموا الروم، ((فَيَجْعَل اللهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ) أي: الهزيمة، فيقتلون الروم مقتلة عظيمة يهزمونهم فيها.

قال النووي رحمه الله: ((ورواه بعض رواة مسلم ((الدَّائِرَة)) بالألف وبعدها همزة، وهو بمعنى: الدبرة)) (١).

وقوله: ((فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ) أي: الهزيمة، قال تعالى: {عليهم دائرة السوء}، ويقال: فلان كانت عليه دائرة، يعني: كانت عليه هزيمة، فالدائرة، والدبرة بمعنى واحد.

وقوله: ((فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً- إِمَّا قَالَ: لَا يُرَى مِثْلُهَا، وَإِمَّا قَالَ: لَمْ يُرَ مِثْلُهَا) يعني: أن هذه المقتلة تكون مقتلة عظيمة بين الروم والمسلمين، حتى إن الأموات يكون بعضهم فوق بعض كالجبال، ((حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا))، و ((بِجَنَبَاتِهِمْ) يعني: بنواحيهم، وإذا تجاوزهم الطائر سقط ومات من شدة رائحة الموتى، وهذا يدل على أنها مقتلة عظيمة.

وقوله: ((فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ كَانُوا مِائَةً، فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ،


(١) شرح مسلم، للنووي (١٨/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>