للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله عز وجل، ثم تأتي ريح باردة من قبل الشام فتقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، حتى لو كان أحدهم في كبد جبل لدخلته عليه، وفي اللفظ الآخر: ((إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ الْيَمَنِ)) (١)، فيحتمل أنهما ريحان تجتمعان، أو أنها ريح واحدة تأتي من قبل الشام، ثم تعتدل.

وهذه الريح تكون بعد أشراط الساعة لدلالة الأحاديث على أنها متأخرة.

وقوله: ((فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ) أي: في سرعتهم إلى الشر، والفساد، ((وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ) أي: في أخلاقهم، وطباعهم من الظلم، والبغي، والعدوان.

وقوله: ((دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ)): فيه: سعة حِلم الله وإمهاله لهم، وأنه سبحانه يمهل ولا يهمل.

وفيه: أنه لا أحد أصبر من الله تعالى، كما في الحديث: ((لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ، وَيُجْعَلُ لَهُ الْوَلَدُ، ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ)) (٢)؛ لذلك فإنه سبحانه يمهل الكفرة مع كفرهم وعنادهم.

ثم يتمثل لهم الشيطان- وهم على هذه الحالة-، ((فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ))، فيعبدونها استجابة له- نعوذ بالله من ذلك.

وقوله: ((ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا، وَرَفَعَ لِيتًا)): هذا عند قيام الساعة، يأمر الله تعالى إسرافيل عليه السلام فينفخ في الصور نفخة الفزع، حتى يموت الناس، ثم ينفخ فيه النفخة الأخرى، كما قال الله تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون}، وفي النمل: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: ٨٧]، فيصغى بصفحة العنق.


(١) أخرجه مسلم (١١٧).
(٢) أخرجه البخاري (٧٣٧٨)، ومسلم (٢٨٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>