وفي هذا الحديث: أنه قال: ((ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ))، فإذا تم خلقها واكتمل أذن الله لإسرافيل عليه السلام فينفخ في الصور نفخة البعث، فتتطاير الأرواح إلى الأجساد، والأرواح لا تموت، فأرواح المؤمنين في الجنة، ولها صلة بالجسد، وأرواح الكفار في النار ولها صلة بأجسادها، وقد جاء في الحديث:((إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ)) (١).
فتدخل كل روح في جسدها، ثم يقوم الناس من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم، حفاة لا نعال لهم، عراة لا ثياب عليهم، غرلًا غير مختونين، فيقفون بين يدي ربِّ العالمين للحساب، قال تعالى:{يوم يخرجون من الأجداث سراعًا كأنهم إلى نصب يفيضون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون}[؟ ؟ : ؟ ؟ ].
ويجب على المسلم أن يؤمن بيوم البعث، ومن لم يؤمن به فهو كافر بنص القرآن وإجماع المسلمين، قال تعالى:{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وذلك على الله يسير}.
وقوله:((كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ)): العَجْب بفتح العين وإسكان الباء، وعَجْبُ الذَّنَبِ هو: عظم صغير في آخر العمود الفقري، ويقال له: العُصْعُصْ، فهو الذي يبقى، وما عدا ذلك فإنه يبلى، وفي الحديث هنا:((مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ)).
وفيه: الرد على أهل الكلام من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة الذين يقولون بالجوهر الفرد، وبنوا دينهم في إثبات الخالق، وإثبات المعاد على الجوهر الفرد، ويقولون: إن الأجسام مركبة من الجواهر الفردة، والجواهر الفردة هي ذرات صغيرة لا تفنى، مهما قطعتها لا بد أن تبقى ذرات