للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ

[٢٩٥٦] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي: الدَّرَاوَرْدِيَّ- عَنِ العَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ)).

قال النووي رحمه الله: ((معناه: أن كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة والمكروهة، مكلَّف بفعل الطاعات الشاقة، فإذا مات استراح من هذا، وانقلب إلى ما أعدَّ الله تعالى له من النعيم الدائم، والراحة الخالصة من النقصان، وأما الكافر فإنما له من ذلك ما حصَّلَ في الدنيا مع قلته وتكديره بالمنغصات، فإذا مات صار إلى العذاب الدائم وشقاء الأبد)) (١).

قلت: هذا المعنى الذي ذكره النووي رحمه الله قاصر؛ لأن معنى: ((الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ)): أن المؤمن ممنوع من التنعم بنعيم الآخرة، ومحجوب عنها، وإن كان في الدنيا في راحة بال، وطمأنينة؛ لِما فيه من التنعم بالإيمان ولذة المناجاة والأنس بالله عز وجل، والشوق إليه سبحانه، قال ابن القيم رحمه الله: ((سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة)) (٢).

وأما الكافر فهو يتمتع في الدنيا كما تتمتع البهائم، فليس له هم سوى


(١) شرح مسلم، للنووي (١٨/ ٩٣).
(٢) مدارج السالكين، لابن القيم (١/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>