للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ((أَلَمْ أُكْرِمْكَ، وَأُسَوِّدْكَ، وَأُزَوِّجْكَ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ )): هذا تَعداد لنعم الله العظيمة.

وقوله: ((فَيَقُولُ: بَلَى أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي) أي: هل عندك يقين وايمان بالبعث، والجزاء، والحساب؟ فيقول: لا، فيقول الله عز وجل له: اليوم أتركك في العذاب، وأعاملك معاملة المنسيِّ جزاءً وفاقًا، قال الله تعالى: {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون}.

والظن هنا بمعنى: اليقين، كما قال الله تعالى- في حق المؤمنين-: {الذي يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون} أي: يتيقنون.

وفيمن يرى الله في الموقف ثلاثة أقوال:

الأول: إن أهل الموقف يرون الله تعالى، مؤمنهم، وكافرهم، ثم يحتجب عن الكفرة.

الثاني: لا يراه إلا المؤمنون، والمنافقون.

الثالث: لا يراه إلا المؤمنون خاصة (١).

وهذا الحديث قد يُحْتَجُّ به على أن الكفار يرون الله تعالى، وتكون رؤيتهم له سبحانه وتعالى عذابًا، قالوا: مثل رؤية السارق للقاضي، أو الأمير، ما تزيده إلا وبالًا.

وقوله: ((فَيَقُولُ: هَا هُنَا إِذًا، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ) يعني: قف هنا حتى تشهد عليك جوارحك؛ لأنك صرت منكِرًا، فيختم الله على لسانه فتتكلم الجوارح، ثم يخلى بينه وبينها.

وقوله: ((وَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ: انْطِقِي، فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٦/ ٥٠٠ - ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>