حرم الله عليهم ألبان الإبل، ولحومها، فهي تلتزم ما حرم عليها، فدل هذا على أنها هي الأمة الممسوخة؛ ولهذا قال- في الرواية الثانية-: ((الْفَأْرَةُ مَسْخٌ، وَآيَةُ ذَلِكَ))، يعني: علامته ودليله: ((أَنَّهُ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْغَنَمِ فَتَشْرَبُهُ، وَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْإِبِلِ فَلَا تَذُوقُهُ))، وهذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم بظنه واجتهاده، قبل أن يُعْلِمَه الله أن الممسوخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام، ثم أعلمه الله بعد ذلك أن الفأر ليس مسخًا؛ وإنما هي أمة من الأمم، كالكلاب، والخنازير، والطيور.
وأما الذين مُسخوا من بني إسرائيل، فقد مُسخوا قردةً، وخنازيرَ- والعياذ بالله- ثم ماتوا بعد ثلاثة أيام؛ لأن الممسوخ لا يعيش ولا ينسل، أما هذه القردة والخنازير الموجودة فهي أمة من الأمم.