وقوله:((قُلْتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ)): الأول بهمزة ممدودة على الاستفهام، والثاني بلا مد جواب استفهام، والهاء فيهما مكسورة، والمعنى: بالله هل أنت صادق في قولك: إنك معسر؟
فلما استحلفه وحلف أتى بصحيفته، فمحى عنه الدَّين، ((فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا أَنْتَ فِي حِلٍّ)): قضاء يعني: دَينًا، فهي صفة قامت مقام الموصوف المحذوف، والتقدير: إن وجدتَ دينًا يكون قضاءً فاقضني، وهذا فيه: فضل أبي اليسر رضي الله عنه، ومبادرته ومسارعته إلى الخير.
وفيها: أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل الناس، وأنهم أسرع الناس إلى العمل بالأحاديث، والمسابقة إلى الخيرات.
وقوله:((فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ- وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ- وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا)): هذا قول أبي حميد، ((بَصَرُ)): هو بفتح الصاد ورفع الراء، وسَمْعُ: بإسكان الميم ورفع العين، هذه رواية الأكثرين، ورواه جماعة بضم الصاد وفتح الراء (بصُر عيناي هاتان)، وبكسر الميم وفتح العين (سمِعَ أذناي هاتان)، وكلاهما صحيح لكن الأول أولى (١).
والمعنى: أنا متأكد مما أقول، فقد أبصرت عيني النبي صلى الله عليه وسلم حين رأيت بياض إبطيه، وسمعت أذني كلامه. ووعيته بقلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله:((وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ)): وهو عرق معلَّق بالقلب.
وقوله:((مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ))، يعني: من صبر عليه، ولم يطالبه بالدين، أو وضعه عنه، والمعسر: من لا يقدر على النفقة، أو أداء ما عليه، وهذا فيه: فضل عظيم لمن أنظر معسرًا، أو وضع عنه الدين، وهو على مرتبتين: