للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعُوا أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أي: تجاذبوا ذلك، وحرصوا عليه.

وقوله: ((فَقَالَ: أَنْزِلُ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ))، وكان هاشم قد تزوج امرأة من بني النجار، فولدت عبد المطلب؛ فلذلك كانوا أخواله، وفيه: أن الرجل العظيم إذا نزل في بلد وله أقارب ينزل على أقاربه؛ يكرمهم بذلك.

وقوله: ((فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَوْقَ الْبُيُوتِ وَتَفَرَّقَ الْغِلْمَانُ، وَالْخَدَمُ فِي الطُّرُقِ يُنَادُونَ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ)): هذا خير عظيم ساقه الله عز وجل إلى أهل المدينة، فصار الغلمان ينادون، والجواري ينادين من فوق السطوح: قدم محمدٌ صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما إنشاد البيتين التاليين:

طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا ... مِنْ ثَنِيَّاتِ الوَدَاعْ

وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا ... مَا دَعَا للهِ دَاعْ (١)

فهو وهم من بعض الرواة، كما نبه على ذلك ابن القيم وقال: (لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام) (٢) وسند القصة معضل كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (٣) فلعل ذلك في قدومه من تبوك.

كل ذلك فرحًا وسرورًا بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال أنس رضي الله عنه: ((لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَقَالَ: مَا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْأَيْدِي حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا)) (٤).

* * *


(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٥٠٦).
(٢) زاد المعاد (٣/ ١٠).
(٣) فتح الباري
(٤) أخرجه أحمد (١٣٨٣٠)، والترمذي (٣٦١٨)، وابن ماجه (١٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>