للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال الله تعالى: {كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا}، يعني: أنتم قبل ذلك كنتم مثله مشركين، فَمَنَّ الله عليكم بالإسلام، فتبينوا، يعني: فتثبتوا، وهي هكذا في قراءة: (فتثبتوا).

وفيه: أن هذا خطأ حدث منهم اجتهادًا، مثل ما حصل لخالد بن الوليد رضي الله عنه لما جاء إلى بني جذيمة، وجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، يريدون: أسلمنا، فجعل خالد يقتلهم، فشدد النبي صلى الله عليه وسلم عليه، ورفع يده، وقال: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ- مَرَّتَيْنِ)) (١)، وغرم ديتهم، ومع ذلك لم يعزله عن قيادة الجيش؛ لأنه فعل ذلك عن اجتهاد، لكن الله تعالى يؤدِّب عباده ويعاتبهم.

[٣٠٢٦] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولَ: كَانَتْ الْأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَرَجَعُوا لَمْ يَدْخُلُوا الْبُيُوتَ إِلَّا مِنْ ظُهُورِهَا، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَدَخَلَ مِنْ بَابِهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}.

[خ: ١٨٠٣]

في هذا الحديث: أن سبب نزول هذه الآية: أن من الآصار التي كانت على الناس في الجاهلية: أنه إذا حج الواحد منهم، ثم أتى بيته لا يدخله من الباب، بل يتسلق الجدار، فأنزل الله هذه الآية؛ رفعًا للحرج والمشقة التي لحقتهم بهذه الآصار والأغلال الجاهلية.


(١) أخرجه البخاري (٤٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>