ثم قال الله تعالى:{كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا}، يعني: أنتم قبل ذلك كنتم مثله مشركين، فَمَنَّ الله عليكم بالإسلام، فتبينوا، يعني: فتثبتوا، وهي هكذا في قراءة:(فتثبتوا).
وفيه: أن هذا خطأ حدث منهم اجتهادًا، مثل ما حصل لخالد بن الوليد رضي الله عنه لما جاء إلى بني جذيمة، وجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، يريدون: أسلمنا، فجعل خالد يقتلهم، فشدد النبي صلى الله عليه وسلم عليه، ورفع يده، وقال:((اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ- مَرَّتَيْنِ)) (١)، وغرم ديتهم، ومع ذلك لم يعزله عن قيادة الجيش؛ لأنه فعل ذلك عن اجتهاد، لكن الله تعالى يؤدِّب عباده ويعاتبهم.
في هذا الحديث: أن سبب نزول هذه الآية: أن من الآصار التي كانت على الناس في الجاهلية: أنه إذا حج الواحد منهم، ثم أتى بيته لا يدخله من الباب، بل يتسلق الجدار، فأنزل الله هذه الآية؛ رفعًا للحرج والمشقة التي لحقتهم بهذه الآصار والأغلال الجاهلية.