للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون سواه، وهو توكل عليه وتخصيص الاستعانة به سبحانه، والاعتماد عليه وحده في أداء العبادة، وفي الأمور كلها.

وقوله: ((فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ})) هذا أفضل وأجمع وأنفع دعاء، أن تسأل الله أن يوفقك وأن يرشدك ويثبتك على الصراط المستقيم، وهو صراط المنعَم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، {غير المغضوب عليهم} وهم الغاوون الذين ضلوا، فعلموا ولم يعملوا بالعلم، {ولا الضالين} الذين يتعبدون على جهل وضلال، والصراط المستقيم: هو طريق الرشد والهداية، ولو كان هناك دعاء أفضل من هذا لأوجبه الله في الفاتحة؛ فدعاءٌ يجب على كل مسلم أن يقرأه في كل ركعة دعاءٌ عظيمٌ.

وفيه: إثبات الكلام لله، وهذا فيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: إن الكلام معنى قائم بالنفس، وأنه ليس بحرف وَلَا صوت، والنووي رحمه الله وابن حجر قد يؤولونه أحياناً، ويقولون: هذه الصفات - ومنها الكلام- تنسب للعبد المخلوق وَلَا يليق ظاهرها بجلال الله (١).

فمذهب أهل السنة والجماعة أن كلام الله تعالى بحرف وصوت، وقد دلت على ذلك نصوص القرآن والسنة، قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، وقال تعالى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى}، والنداء يكون بالصوت، فهو رفع الصوت بالكلام للبعيد، وقوله: {وقربناه نجيًّا}: من المناجاة، وهو الكلام من قرب.

وجاء في الصحيحين أن الله تعالى ينادي آدم يوم القيامة، فيقول: ((يا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ) فَيَقُولُ: ((أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، )) (٢)، وفي الحديث الآخر:


(١) فتح الباري، لابن حجر (١٣/ ٤٥٣)، شرح مسلم، للنووي (٦/ ٣٦).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٤٨)، ومسلم (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>