للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذا الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمهم التشهد، ويسمى هذا التشهد تشهد ابن مسعود رضي الله عنه، وورد غيره في روايات التشهد: تشهد ابن عباس رضي الله عنهما (١)، وتشهد أبي موسى رضي الله عنه (٢)، وكلها مشروعة، كما جاء في كيفيات الأذان، وهذا من اختلاف التنوع، فللمصلي أن يتخير بين هذه الصيغ، وَلَا يجمعها في صلاة واحدة.

وهذه الصيغة هي أصح الصيغ؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ، كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ)).

وفيه: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون قبل ذلك: السلام على الله، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((لَا تَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَى اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ)) (٣) والسلام: اسمه سبحانه وتعالى، ومنه السلام، فهو يدعى به سبحانه وتعالى، وَلَا يدعى له؛ إذ ليس فوقه أحد سبحانه وتعالى حتى يطلب منه، وهو سبحانه وتعالى سالم من النقائص والعيوب، وَلَا يحتاج إلى أحد.

وفيه: أن التحيات وجميع التعظيمات، والصلوات الخمس، والطيبات من الأعمال والأقوال الطيبة ملكٌ لله وحده، واستحقاق خالص له سبحانه.

وقوله: ((السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)) بدأ أولًا بتعظيم الله عز وجل وتمجيده، ثُمَّ ثنى بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته، وهو من باب الاستحضار.

ثم بعد ذلك يسلم على نفسه، وعلى كل عبد صالح في السماء والأرض؛ فيقول: ((السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ)).

ثم بعد ذلك الشهادة لله بالوحدانية، والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة.

وقوله: ((ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ) أي: يدعو بما يشاء من حوائج


(١) أخرجه مسلم (٤٠٣).
(٢) أخرجه مسلم (٤٠٤).
(٣) أخرجه البخاري (٨٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>