للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.

قوله: ((فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا)) هذا الالتفات للحاجة، ولعل هذا قبل أن يمكنه الله عز وجل من رؤيتهم من وراء ظهره، كما في حديث: ((إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي)) (١)، أَوْ أن الالتفات للتأكُّد.

وفي هذا الحديث: أن أبا بكر رضي الله عنه كان يُبَلِّغ تكبير النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الأصل في التبليغ، فإذا كان الإمام صوته لا يبلغ فيرفع أحد المأمومين الصوت؛ ليبلغ الناس صوته.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم أن يقوموا وهو قاعد، فعن جابر رضي الله عنه قال: ((اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وأبو بكر يُسمِع الناسَ تكبيرَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا، فرآنا قِيَامًا، فَأَشارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا، فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُودًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قال: ((إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِس والرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ، وَهُمْ قُعُودٌ، فَلَا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ، إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا)).

فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يصلوا قيامًا وهو قاعد؛ لئلا يتشبهوا بالأعاجم، فلا ينبغي للإنسان أن يكون جالسًا ومن خلفه واقف على رأسه، كما يفعل بعض الناس، يصب القهوة واقفًا، ثُمَّ يبقى واقفًا، وينبغي له أن يجلس إلا عند الحاجة، كما وقف المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فوق رأس النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية للحراسة (٢).

ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدًا في بيته مجاورًا للمسجد في غرفة، وهم خارج الغرفة في المسجد؛ لأن بيوت النبي صلى الله عليه وسلم كان لها أبواب للمسجد.


(١) أخرجه البخاري (٤١٨)، ومسلم (٤٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>