للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.

في هذا الحديث:

١ - أن الجاهل إذا تكلم في الصلاة- ومثله الناسي- فإن صلاتهما صحيحة لا تبطل؛ ولهذا لما تكلم معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه وكان جاهلا بالحكم-لأنهم كانوا في أول الإسلام يتكلمون في الصلاة، ثُمَّ نهوا عن الكلام- لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة، فدل على أن الجاهل إذا تكلم في الصلاة فصلاته صحيحة، ومثله الناسي- أيضًا- فقد جاء في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ ! )) (١)، ثُمَّ لم يعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ولم يأمرهم بإعادة.

أما إذا تكلم المصلي عالمًا عامدًا فبان منه حرفان- لأنه أقل الكلام- بطلت صلاته، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) حتى قال بعض العلماء: إذا تنحنح فبان منه حرفان بطلت صلاته، لكن الأقرب أن النحنحة يُعفى عنها.

٢ - حسنُ خلق النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال معاوية بن الحكم رضي الله عنه: ((فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي) يعني: ما انتهره ولا زجره؛ فينبغي للدعاة أن يتأسوا به عليه الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله، والأصل أن تكون الدعوة بالرفق واللين، كما قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}؛ لأن هذا أدعى إلى القبول، إلا من ظلم وتعدى الحد فإنه


(١) أخرجه البخاري (٧١٤)، ومسلم (٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>